يَأْتِي هَذَا الْبَحْثُ اسْتكْمَالاً لِمَا سَبَقَهُ فِي كِتَابِ ظِلاَلِ السِّيرَةِ، لِنُتِمَّ مَا بَدَأَنَاهُ مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى خِلاَفَةِ النُّبُوَّةِ بِالْوَصْفِ الْحَيِّ لِحَيَاةِ
الدَّعْوَةِ وَالْجَمَاعَةِ الْمُسْلِمَةِ الأُولَى فِي التَّرْبِيَةِ وَالإِعْدَادِ وَالْبِنَاءِ، وَإِسْقَاطِ النُّصُوصِ وَالْحَوَادِثِ عَلَى الْوَقَائِعِ الْيَوْمِيَّةِ، وَالدَّقَائِقِ
التَّفْصِيلِيَّةِ لاِسْتِخْلاَصِ الْعِبَرِ وَالسُّنَنِ، وَمُشَاهَدَةِ الإِعْدَادِ وَالْبِنَاءِ لأُمَّةِ الْمَنْهَجِ لاِسْتِيعَابِ هَذَا النَّمُوذَجِ الْقُدْوَةِ، وَالتَّعَايُشِ مَعَهُ،
وَالتَّمَثّلِ بِهِ عَنْدَ التَّعَرُّفِ عَلَى الأَصُولِ وَرَصْدِهَا، وُاسْتِشْعَارِ طَرِيقَةِ الْبِنَاءِ لاِعْتِمَادِهَا فِي حَيَاتِنَا وَسُلُوكِنَا، وَمُرَاعَاةِ أَمَانَةِ التَّطْبِبقِ
وَالالْتِزَامِ الْمَسُؤولِ بِمِثْلِ الْجَدِّيَّةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الْمَنْهَجُ. وَمَعَ الْفَهْمِ الْعَمِيقِ، وَسَبْرِ أَبْعَادِ الْوَقَائِعِ وَإِسْقَاطِهَا عَلَى فَعَالِيِّاتِنَا الْحَيَاتِيَّةِ بِكُلِّ
دَقَائِقِهَا لِتُؤْتِي الدِّرَاسُةُ أُكُلَهَا، وَتَنْضُجَ ثِمَارُهَا، وَذَلِكَ بَعْدَ التَّصْفِيَةِ وَالتَّثَبُّتِ مِنْ صَحَّةِ الْخَبَرِ وَالْحَدَثِ، وَاعْتِمَادِ فَهْمِ وَتَفْسِيرِ السَّلَفِ
وَالتَّوَقُّفِ عِنْدَ أَعْمَالِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ.